الاثنين، 12 يناير 2015
السبت، 10 يناير 2015
السحر والسحرة
قوله تعالى : { فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه } وقد أوردنا في كتاب " المشكلين " القول في السحر وحقيقته ومنتهى العمل به على وجه يشفي الغليل ، وبينا أن من أقسامه فعل ما يفرق به بين المرء وزوجه ، ومنه ما يجمع بين المرء وزوجه ، ويسمى التولة ، وكلاهما كفر ، والكل حرام ، كفر قاله مالك .
وقال الشافعي : السحر معصية إن قتل بها الساحر قتل ، وإن أضر بها أدب على قدر الضرر .
وهذا باطل من وجهين : أحدهما : أنه لم يعلم السحر ، وحقيقته أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى ، وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات .
والثاني : أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر ; لأنه تعالى قال : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } من السحر وما كفر سليمان بقول السحر ولكن الشياطين كفروا به وبتعليمه ، وهاروت وماروت يقولان : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، وهذا تأكيد للبيان .
المسألة الثامنة : قوله تعالى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } [ ص: 49 ] يعني : بحكمه وقضائه لا بأمره ; لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء ، ويقضي على الخلق بها ، وقد مهدنا ذلك في موضعه .
المسألة التاسعة : قوله تعالى : { ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم }
هم يعتقدون أنه نفع لما يتعجلون به من بلوغ الغرض ، وحقيقته مضرة ، لما فيه من عظيم سوء العاقبة ; وحقيقة الضرر عند أهل السنة كل ألم لا نفع يوازيه ، وحقيقة النفع كل لذة لا يتعقبها عقاب ، ولا تلحق فيه ندامة .
والضرر وعدم المنفعة في السحر متحقق
وقال الشافعي : السحر معصية إن قتل بها الساحر قتل ، وإن أضر بها أدب على قدر الضرر .
وهذا باطل من وجهين : أحدهما : أنه لم يعلم السحر ، وحقيقته أنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى ، وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات .
والثاني : أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر ; لأنه تعالى قال : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } من السحر وما كفر سليمان بقول السحر ولكن الشياطين كفروا به وبتعليمه ، وهاروت وماروت يقولان : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، وهذا تأكيد للبيان .
المسألة الثامنة : قوله تعالى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } [ ص: 49 ] يعني : بحكمه وقضائه لا بأمره ; لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء ، ويقضي على الخلق بها ، وقد مهدنا ذلك في موضعه .
المسألة التاسعة : قوله تعالى : { ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم }
هم يعتقدون أنه نفع لما يتعجلون به من بلوغ الغرض ، وحقيقته مضرة ، لما فيه من عظيم سوء العاقبة ; وحقيقة الضرر عند أهل السنة كل ألم لا نفع يوازيه ، وحقيقة النفع كل لذة لا يتعقبها عقاب ، ولا تلحق فيه ندامة .
والضرر وعدم المنفعة في السحر متحقق
الجمعة، 9 يناير 2015
شرع من قبلنا هل هو شرع لنا
أخبرهم سبحانه في هذه القصة عن حكم جرى في زمن موسى عليه السلام هل يلزمنا حكمه أم لا ؟ : [ ص: 38 ] اختلف الناس في ذلك ، والمسألة تلقب بأن شرع من قبلنا من الأنبياء هل هو شرع لنا حتى يثبت نسخه أم لا ؟ في ذلك خمسة أقوال : الأول : أنه شرع لنا ولنبينا ; لأنه كان متعبدا بالشريعة معنا ، وبه قال طوائف من المتكلمين ، وقوم من الفقهاء ; واختاره الكرخي
ونص عليه ابن بكير القاضي من علمائنا .
وقال القاضي عبد الوهاب : هو الذي تقتضيه أصول مالك ومنازعه في كتبه ، وإليه ميل الشافعي رحمه الله .
الثاني : أن التعبد وقع بشرع إبراهيم عليه السلام واختاره جماعة من أصحاب الشافعي .
الثالث : أنا تعبدنا بشرع موسى عليه السلام .
الرابع : أنا تعبدنا بشرع عيسى عليه السلام .
الخامس : أنا لم نتعبد بشرع أحد ، ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بملة بشر ، وهذا الذي اختاره القاضي أبو بكر .
وما من قول من هذه الأقوال إلا وقد نزع فيه بآية ، وتلا فيها من القرآن حرفا ; وقد مهدنا ذلك في أصول الفقه ، وبينا أن الصحيح القول بلزوم شرع من قبلنا لنا مما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم عنهم دون ما وصل إلينا من غيره ; لفساد الطرق إليهم ; وهذا هو [ ص: 39 ] صريح مذهب مالك في أصوله
كلها ، وستراها مورودة بالتبيين حيث تصفحت المسائل من كتابنا هذا أو غيره .
ونكتة ذلك أن الله تعالى أخبرنا عن قصص النبيين ، فما كان من آيات الازدجار وذكر الاعتبار ففائدته الوعظ ، وما كان من آيات الأحكام فالمراد به الامتثال له والاقتداء به .
قال ابن عباس رضي الله عنه : قال الله تعالى : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }
فنبينا صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدي بهم ، وبهذا يقع الرد على ابن الجويني حيث قال : إن نبينا لم يسمع قط أنه رجع إلى أحد منهم ، ولا باحثهم عن حكم ، ولا استفهمهم ; فإن ذلك لفساد ما عندهم .
أما الذي نزل به عليه الملك فهو الحق المفيد للوجه الذي ذكرناه ، ولا معنى له غيره .
الأربعاء، 7 يناير 2015
البسمله
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن العظيم, وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة, ولها أسماء أخر. أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به, (اللهِ) علم على الرب -تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه, وهو أخص أسماء الله تعالى, ولا يسمى به غيره سبحانه. (الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين, وهما اسمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة ارحمة لله تعالى كما يليق بجلاله.
الأحد، 4 يناير 2015
حدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج
[ ص: 37 ] المسألة الثانية : في الحديث عن بني إسرائيل :
كثر استرسال العلماء في الحديث عنهم في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ; لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ; فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قوله ; ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ; فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
كثر استرسال العلماء في الحديث عنهم في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ; لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ; فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قوله ; ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ; فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
السبت، 27 ديسمبر 2014
قصة البقرة من كتاب احكام القران
لآية الرابعة عشرة قوله سبحانه : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }
هذه الآية عظيمة الموقع ، مشكلة في النظر ; لتعلقها بالأصول ومن الفروع بالكلام في الدم ، وفي كل فصل إشكال ، وذلك ينحصر في خمس مسائل :
المسألة الأولى : في سبب ذلك : روي عن بني إسرائيل أنه كان فيها من قتل رجلا غيلة بسبب مختلف فيه ; وطرحه بين قوم ، وكان قريبه ، فادعى به عليهم ، ترافعوا إلى موسى عليه السلام فقال له القاتل : قتل قريبي هذا هؤلاء القوم ، وقد وجدته بين أظهرهم ، فانتفوا من ذلك ، وسألوا موسى عليه السلام أن يحكم بينهم برغبة إلى الله تعالى في تبيين الحق لهم ; فدعا موسى عليه السلام ربه تعالى ; فأمرهم بذبح بقرة وأخذ عضو من أعضائها يضرب به الميت فيحيا فيخبرهم بقاتله ; فسألوا عن أوصافها وشددوا فشدد الله سبحانه عليهم حتى انتهوا إلى صفتها المذكورة في القرآن ، فطلبوا تلك البقرة فلم يجدوها إلا عند رجل بر بأبويه أو بأحدهما ; فطلب منهم فيها مسكها مملوءا ذهبا ، فبذلوه فيها ، فاستغنى ذلك الرجل بعد فقره ، وذبحوها فضربوه ببعضها ، فقال : فلان قتلني ، لقاتله .
الأحد، 7 ديسمبر 2014
هل يجوز تبديل الاقوال المنصوص عليها
لآية الثالثة عشرة قوله تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم }
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .
لما خص الله الركوع بعد الصلاة والزكاة
[ ص: 34 ] الآية الثانية عشرة قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين }
كان من أمر الله سبحانه بالصلاة والزكاة والركوع أمر بمعلوم متحقق سابق للفعل بالبيان ، وخص الركوع ; لأنه كان أثقل عليهم من كل فعل . وقيل : إنه الانحناء لغة ، وذلك يعم الركوع والسجود
، وقد كان الركوع أثقل شيء على القوم في الجاهلية ، حتى قال بعض من أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألا أخر إلا قائما ، فمن تأوله : على ألا أركع ، فلما تمكن الإسلام من قلبه اطمأنت بذلك نفسه .
ويحتمل أن يكونوا أمروا بالزكاة ; لأنها معلومة في كل دين من الأديان ، فقد قال الله تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام : { وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا } ثم بين لهم مقدار الجزء الذي يلزم بذله من المال .
والزكاة مأخوذة من النماء ، يقال : زكاة الزرع إذا نما ، ومأخوذة من الطهارة ، يقال : زكاة الرجل ، إذا تطهر عن الدناءات
كان من أمر الله سبحانه بالصلاة والزكاة والركوع أمر بمعلوم متحقق سابق للفعل بالبيان ، وخص الركوع ; لأنه كان أثقل عليهم من كل فعل . وقيل : إنه الانحناء لغة ، وذلك يعم الركوع والسجود
، وقد كان الركوع أثقل شيء على القوم في الجاهلية ، حتى قال بعض من أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألا أخر إلا قائما ، فمن تأوله : على ألا أركع ، فلما تمكن الإسلام من قلبه اطمأنت بذلك نفسه .
ويحتمل أن يكونوا أمروا بالزكاة ; لأنها معلومة في كل دين من الأديان ، فقد قال الله تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام : { وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا } ثم بين لهم مقدار الجزء الذي يلزم بذله من المال .
والزكاة مأخوذة من النماء ، يقال : زكاة الزرع إذا نما ، ومأخوذة من الطهارة ، يقال : زكاة الرجل ، إذا تطهر عن الدناءات
السبت، 6 ديسمبر 2014
كيف استتر ادم بعد الاكل من الشجرة
الآية الحادية عشرة قوله تعالى : { وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } [ ص: 32 ]
روي أنه لما أكل آدم من الشجرة سلخ عن كسوته ، وخلع من ولايته ، وحط عن مرتبته ، فلما نظر إلى سوأته منكشفة قطع الورق من الثمار وسترها ، وهذا هو نص القرآن .
وفي ذلك مسألتان : [ المسألة الأولى بأي شيء سترها ؟ ] :
فقالت طائفة : سترها بعقله حين رأى ذلك من نفسه منكشفا ، منهم : القدرية ، وبه قال أقضى القضاة الماوردي .
ومنهم من قال : إنه سترها استمرارا على عادته ، ومنهم من قال : إنما سترها بأمر الله .
فأما من قال : إنه سترها بعقله فإنه بناها على أن العقل يوجب ويحظر ويحسن [ ص: 33 ] ويقبح ، وهو جهل عظيم بيناه في أصول الفقه ، وقد وهي أقضى القضاة في ذلك ، إلا أنه يحتمل أنه سترها من ذات نفسه من غير أن يوجب ذلك عليه شيء ، فيرجع ذلك إلى القول الثاني أنه سترها عادة .
وأما من قال : إنه سترها بأمر الله ، فذلك صحيح لا شك فيه ; لأن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام علمه الأسماء وعرفه الأحكام فيها ، وأسجل له بالنبوة ، ومن جملة الأحكام ستر العورة .
المسألة الثانية : ممن سترها ؟ ولم يكن معه إلا أهله الذين ينكشف عليهم وينكشفون عليه .
؟ وقد قدمنا في مسائل الفقه وشرح الحديث وجوب ستر العورة وأحكامها [ ومحلها ] ، ويحتمل أن يكون آدم سترها من زوجه بأمر جازم في شرعه ، أو بأمر ندب ، كما هو عندنا .
ويحتمل أن يكون ما رأى سترها إلا لعدم الحاجة إلى كشفها ; لأنه كان من شرعه أنه لا يكشفها إلا للحاجة .
ويجوز أنه كان مأمورا بسترها في الخلوة ، { وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسترها في الخلوة ، وقال : الله أحق أن يستحى منه } . وذلك مبين في موضعه .
وبالجملة فإن آدم لم يأت من ذلك شيئا إلا بأمر من الله لا بمجرد عقل ، إذ قد بينا فساد اقتضاء العقل لحكم شرعي .
الجمعة، 5 ديسمبر 2014
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)