لآية الثالثة عشرة قوله تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم }
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .