الأربعاء، 7 يناير 2015
الأحد، 4 يناير 2015
حدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج
[ ص: 37 ] المسألة الثانية : في الحديث عن بني إسرائيل :
كثر استرسال العلماء في الحديث عنهم في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ; لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ; فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قوله ; ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ; فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
كثر استرسال العلماء في الحديث عنهم في كل طريق ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .
ومعنى هذا [ الخبر ] الحديث عنهم بما يخبرون [ به ] عن أنفسهم وقصصهم لا بما يخبرون به عن غيرهم ; لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة والثبوت إلى منتهى الخبر ، وما يخبرون به عن أنفسهم ، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه ; فهو أعلم بذلك .
وإذا أخبروا عن شرع لم يلزم قوله ; ففي رواية مالك ، عن { عمر رضي الله عنه أنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : جزء من التوراة ; فغضب وقال : والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي } .
السبت، 27 ديسمبر 2014
قصة البقرة من كتاب احكام القران
لآية الرابعة عشرة قوله سبحانه : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }
هذه الآية عظيمة الموقع ، مشكلة في النظر ; لتعلقها بالأصول ومن الفروع بالكلام في الدم ، وفي كل فصل إشكال ، وذلك ينحصر في خمس مسائل :
المسألة الأولى : في سبب ذلك : روي عن بني إسرائيل أنه كان فيها من قتل رجلا غيلة بسبب مختلف فيه ; وطرحه بين قوم ، وكان قريبه ، فادعى به عليهم ، ترافعوا إلى موسى عليه السلام فقال له القاتل : قتل قريبي هذا هؤلاء القوم ، وقد وجدته بين أظهرهم ، فانتفوا من ذلك ، وسألوا موسى عليه السلام أن يحكم بينهم برغبة إلى الله تعالى في تبيين الحق لهم ; فدعا موسى عليه السلام ربه تعالى ; فأمرهم بذبح بقرة وأخذ عضو من أعضائها يضرب به الميت فيحيا فيخبرهم بقاتله ; فسألوا عن أوصافها وشددوا فشدد الله سبحانه عليهم حتى انتهوا إلى صفتها المذكورة في القرآن ، فطلبوا تلك البقرة فلم يجدوها إلا عند رجل بر بأبويه أو بأحدهما ; فطلب منهم فيها مسكها مملوءا ذهبا ، فبذلوه فيها ، فاستغنى ذلك الرجل بعد فقره ، وذبحوها فضربوه ببعضها ، فقال : فلان قتلني ، لقاتله .
الأحد، 7 ديسمبر 2014
هل يجوز تبديل الاقوال المنصوص عليها
لآية الثالثة عشرة قوله تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم }
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .
قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطة ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا منهم بالدين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحق .
وقد قال بعض من تكلم في القرآن : إن هذا الذم يدل على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز .
[ ص: 35 ] وهذا الإطلاق فيه نظر ; وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها ، أو يقع التعبد بمعناها ، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها .
وإن وقع التعبد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد .
ومن المستقل بالمعنى
المستوفي لذلك العالم بأن اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى .
وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطة ، أي اللهم احطط عنا ذنوبنا .
فقالوا استخفافا : حبة مقلوة في شعرة [ فبدلوه بما لا يعطي معناه ] .
ولو بدلوه بما لا يعطى معناه جدا لم يجز ; فهذا أعظم في الباطل وهو الممنوع المذموم منهم . ويتعلق بهذا المعنى نقل الحديث بغير لفظه إذا أدى معناه .
وقد اختلف الناس في ذلك ; فالمروي عن واثلة بن الأسقع جوازه ; قال : ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ننقله بلفظه ; حسبكم المعنى .
وقد بينا في أصول الفقه ; وأذكر لكم فيه فصلا بديعا ; وهو أن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم ، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى ، وإن استوفى ذلك المعنى ; فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ; إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل ، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رواه ; فيكون خروجا من الإخبار بالجملة .
والصحابة بخلاف ذلك فإنهم اجتمع فيهم أمران عظيمان : أحدهما : الفصاحة والبلاغة ; إذ جبلتهم عربية ، ولغتهم سليقة .
[ ص: 36 ] والثاني : أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصد كله ; وليس من أخبر كمن عاين .
ألا تراهم يقولون في كل حديث : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، ولا يذكرون لفظه ، وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما ; وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه .
لما خص الله الركوع بعد الصلاة والزكاة
[ ص: 34 ] الآية الثانية عشرة قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين }
كان من أمر الله سبحانه بالصلاة والزكاة والركوع أمر بمعلوم متحقق سابق للفعل بالبيان ، وخص الركوع ; لأنه كان أثقل عليهم من كل فعل . وقيل : إنه الانحناء لغة ، وذلك يعم الركوع والسجود
، وقد كان الركوع أثقل شيء على القوم في الجاهلية ، حتى قال بعض من أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألا أخر إلا قائما ، فمن تأوله : على ألا أركع ، فلما تمكن الإسلام من قلبه اطمأنت بذلك نفسه .
ويحتمل أن يكونوا أمروا بالزكاة ; لأنها معلومة في كل دين من الأديان ، فقد قال الله تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام : { وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا } ثم بين لهم مقدار الجزء الذي يلزم بذله من المال .
والزكاة مأخوذة من النماء ، يقال : زكاة الزرع إذا نما ، ومأخوذة من الطهارة ، يقال : زكاة الرجل ، إذا تطهر عن الدناءات
كان من أمر الله سبحانه بالصلاة والزكاة والركوع أمر بمعلوم متحقق سابق للفعل بالبيان ، وخص الركوع ; لأنه كان أثقل عليهم من كل فعل . وقيل : إنه الانحناء لغة ، وذلك يعم الركوع والسجود
، وقد كان الركوع أثقل شيء على القوم في الجاهلية ، حتى قال بعض من أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألا أخر إلا قائما ، فمن تأوله : على ألا أركع ، فلما تمكن الإسلام من قلبه اطمأنت بذلك نفسه .
ويحتمل أن يكونوا أمروا بالزكاة ; لأنها معلومة في كل دين من الأديان ، فقد قال الله تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام : { وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا } ثم بين لهم مقدار الجزء الذي يلزم بذله من المال .
والزكاة مأخوذة من النماء ، يقال : زكاة الزرع إذا نما ، ومأخوذة من الطهارة ، يقال : زكاة الرجل ، إذا تطهر عن الدناءات
السبت، 6 ديسمبر 2014
كيف استتر ادم بعد الاكل من الشجرة
الآية الحادية عشرة قوله تعالى : { وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } [ ص: 32 ]
روي أنه لما أكل آدم من الشجرة سلخ عن كسوته ، وخلع من ولايته ، وحط عن مرتبته ، فلما نظر إلى سوأته منكشفة قطع الورق من الثمار وسترها ، وهذا هو نص القرآن .
وفي ذلك مسألتان : [ المسألة الأولى بأي شيء سترها ؟ ] :
فقالت طائفة : سترها بعقله حين رأى ذلك من نفسه منكشفا ، منهم : القدرية ، وبه قال أقضى القضاة الماوردي .
ومنهم من قال : إنه سترها استمرارا على عادته ، ومنهم من قال : إنما سترها بأمر الله .
فأما من قال : إنه سترها بعقله فإنه بناها على أن العقل يوجب ويحظر ويحسن [ ص: 33 ] ويقبح ، وهو جهل عظيم بيناه في أصول الفقه ، وقد وهي أقضى القضاة في ذلك ، إلا أنه يحتمل أنه سترها من ذات نفسه من غير أن يوجب ذلك عليه شيء ، فيرجع ذلك إلى القول الثاني أنه سترها عادة .
وأما من قال : إنه سترها بأمر الله ، فذلك صحيح لا شك فيه ; لأن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام علمه الأسماء وعرفه الأحكام فيها ، وأسجل له بالنبوة ، ومن جملة الأحكام ستر العورة .
المسألة الثانية : ممن سترها ؟ ولم يكن معه إلا أهله الذين ينكشف عليهم وينكشفون عليه .
؟ وقد قدمنا في مسائل الفقه وشرح الحديث وجوب ستر العورة وأحكامها [ ومحلها ] ، ويحتمل أن يكون آدم سترها من زوجه بأمر جازم في شرعه ، أو بأمر ندب ، كما هو عندنا .
ويحتمل أن يكون ما رأى سترها إلا لعدم الحاجة إلى كشفها ; لأنه كان من شرعه أنه لا يكشفها إلا للحاجة .
ويجوز أنه كان مأمورا بسترها في الخلوة ، { وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسترها في الخلوة ، وقال : الله أحق أن يستحى منه } . وذلك مبين في موضعه .
وبالجملة فإن آدم لم يأت من ذلك شيئا إلا بأمر من الله لا بمجرد عقل ، إذ قد بينا فساد اقتضاء العقل لحكم شرعي .
الجمعة، 5 ديسمبر 2014
الايه الثامنه من سورة البقرة الوفاء بالعهد
الحمد لله
الآية الثامنة قوله تعالى : { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه }
الوفاء بالعهد
الآية الثامنة قوله تعالى : { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه }
العهد على قسمين : [ ص: 27 ] أحدهما : فيه الكفارة ، والآخر لا كفارة فيه ، فأما الذي فيه الكفارة فهو الذي يقصد به اليمين على الامتناع عن الشيء أو الإقدام عليه .
وأما العهد الثاني : فهو العقد الذي يرتبط به المتعاقدان على وجه يجوز في الشريعة ، ويلزم في الحكم ، إما على الخصوص بينهما ، وإما على العموم على الخلق ، فهذا لا يجوز حله ، ولا يحل نقضه ، ولا تدخله كفارة ، وهو الذي يحشر ناكثه غادرا ، ينصب له لواء بقدر غدرته ، يقال : هذه غدرة فلان .
وأما مالك فيقول : العهد باليمين ، لم يجز حله ; لأجل العقد ، وهو المراد بقوله تعالى : { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا } وهذا ما لا اختلاف فيه .
الخميس، 4 ديسمبر 2014
وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات
الحمد لله
الآية السابعة قوله تعالى : { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } .
قال علماؤنا : البشارة هي : الإخبار عن المحبوب ، والنذارة هي : الإخبار بالمكروه ، وذلك في البشارة يقتضي أول مخبر بالمحبوب ، ويقتضي في النذارة كل مخبر .
[ ص: 26 ] وترتب على هذا مسألة من الأحكام ، وذلك كقول المكلف : من بشرني من عبيدي بكذا فهو حر .
فاتفق العلماء على أن أول مخبر له به يكون عتيقا دون الثاني .
ولو قال : من أخبرني من عبيدي بكذا فهو حر ، فهل يكون الثاني مثل الأول أم لا ؟ اختلف الناس فيه ; فقال أصحاب الشافعي : يكون حرا ; لأن كل واحد منهم مخبر .
وعند علمائنا لا يكون به حرا ; لأن الحالف إنما قصد خبرا يكون بشارة ، وذلك يختص بالأول ، وهذا معلوم عرفا ، فوجب صرف اللفظ إليه .
فإن قيل : فقد قال الله تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } فاستعمل البشارة في المكروه .
فالجواب : أنهم كانوا يعتقدون أنهم يحسنون ، وبحسب ذلك كان نظرهم للبشرى ، فقيل لهم : بشارتكم على مقتضى اعتقادكم عذاب أليم .
فخرج اللفظ على ما كانوا يعتقدون أنهم محسنون ، وبحسب ذلك كان نظر له على الحقيقة ، كقوله تعالى : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا }
الآية السابعة قوله تعالى : { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } .
قال علماؤنا : البشارة هي : الإخبار عن المحبوب ، والنذارة هي : الإخبار بالمكروه ، وذلك في البشارة يقتضي أول مخبر بالمحبوب ، ويقتضي في النذارة كل مخبر .
[ ص: 26 ] وترتب على هذا مسألة من الأحكام ، وذلك كقول المكلف : من بشرني من عبيدي بكذا فهو حر .
فاتفق العلماء على أن أول مخبر له به يكون عتيقا دون الثاني .
ولو قال : من أخبرني من عبيدي بكذا فهو حر ، فهل يكون الثاني مثل الأول أم لا ؟ اختلف الناس فيه ; فقال أصحاب الشافعي : يكون حرا ; لأن كل واحد منهم مخبر .
وعند علمائنا لا يكون به حرا ; لأن الحالف إنما قصد خبرا يكون بشارة ، وذلك يختص بالأول ، وهذا معلوم عرفا ، فوجب صرف اللفظ إليه .
فإن قيل : فقد قال الله تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } فاستعمل البشارة في المكروه .
فالجواب : أنهم كانوا يعتقدون أنهم يحسنون ، وبحسب ذلك كان نظرهم للبشرى ، فقيل لهم : بشارتكم على مقتضى اعتقادكم عذاب أليم .
فخرج اللفظ على ما كانوا يعتقدون أنهم محسنون ، وبحسب ذلك كان نظر له على الحقيقة ، كقوله تعالى : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا }
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)